حنين السيد
ترتفع معدلات العمليات القيصرية بشكل كبير في اليمن، تتقاضى المشافي مبالغ كبيرة مقابل إجراء العمليات القيصرية، أكبر بكثير من تلك التي تحصل عليها عند إجراء الولادات الطبيعية، أجرى الصحفيان اليمنيان منيرة أحمد الطيار ومحمد عمر بحثهم الأولي، وبنيا فرضيتهما التي اتهمت إدارات المشافي، والأطباء، بإجراء عمليات قيصرية غير ضرورية، واتخاذ قرارات أساسها تحقيق الأرباح عوضًا عن مصلحة المريضات واحتياجاتهن الصحية.
تقول منيرة في حديثها معنا: “اكتشفنا أن المشافي تركز على الربح المالي، ولاحظنا أن النساء الحوامل تخضعن لعمليات قيصرية دون الحاجة الحقيقية لذلك”. وقرر الصحفيان تقديم الفرضية وتنفيذها لصالح شبكة أريج للصحافة الاستقصائية، وتم نشر التحقيق تحت عنوان “القيصريّة في اليمن:عمليات مُربِحة ومضاعفات قاتلة
رحلة البحث والتقصي
استعمل الصحفيان لإثبات فرضيتهما، منهجية ترتكز على القصص الحقيقية، والبيانات التي استطاعا توفيرها بطرق مختلفة.
واجه الصحفيان صعوبة في الحصول على بيانات واضحة، وأرقام دقيقة، هذا التحدي يتكرر في بلدان كثيرة في المنطقة العربية، استعاضا عن ذلك باستبيانات خاصة، كشفا من خلالها عن حجم المشكلة.يقول التحقيق أن 85% من النساء في اليمن خضعن لعمليات قيصرية، معظمها في مستشفيات خاصة، 70% من حالات وفيات الأمهات ترتبط بهذه العمليات.
لمعلومات أكثر، قاما بالتواصل مع منظمات محلية، والبحث في سجلاتٍ سابقة لدى وزارة الصحة، وأجريا أبحاثهما ووجدا دراسات وأوراق صادرة عن منظمات دولية مثل منظمة اليونيسيف، والبنك الدولي.
جمع الصحفيان أيضاً قصصاً شخصية مختلفة، عن سيدات تعرضن لمضاعفات صحية بسبب إجرائهن لعمليات قيصرية غير ضرورية. بلغ عدد المقابلات التي أجرياها 45 مقابلة، اختارا القصص الملائمة لسياق التحقيق لعرضها بالتفصيل، واحتفظا بنتائج المقابلات والبحث الميداني لتقديمه في متن العمل، تواصلا أيضاً مع جمعية القابلات اليمنيات وحصلا على بيانات وصفتها منيرة بال “مروعة”.
أجرت منيرة وزميلها عمر مواجهات مع عدة مشاف خاصة، ووجها للأطباء وإدارات المشافي أسئلة مباشرة بخصوص القضية موضع التحقيق، رفضت المشافي جميعها التعليق على الأرقام أو الحالات، كما أنكرت وزارة الصحة أن المعلومات صحيحة، و أبدت استنكارها لنشر البيانات الصادرة عن جمعية القابلات اليمنيات.
تقول منيرة أن “اليمن يعاني من ظلام معلوماتي”، يواجه الصحفيون.ات صعوبة في الحصول على المعلومات، وضعف التعاون من قبل الناس، حيث يسود انعدام الثقة في الصحافة، إضافة إلى غياب الشفافية من قبل الجهات الرسمية وتضارب البيانات بين الحكومتين في الشمال والجنوب. كما أضافت أن جمع المعلومات من الأطباء والمستشفيات كان صعباً حيث تعرضت وزميلها لمضايقات من الجهات الرسمية وصودرت معداتهم والكاميرا، وتم منعهم من الحصول على المعلومات. واستغرق البحث والتحري خلال العمل على التحقيق شهرين من العمل وتم التقدم به لجائزة “أريج” لعام 2024م.
تحوز التحقيقات الصحية اهتماماً واسعاً ازداد خلال السنوات الماضية، خاصة بعد جائحة كوفيد، لتغطية القضايا الصحية ليست ترفاً كما يصفها البعض، بل إن الفساد في القطاع الصحي يؤثر على حياة الناس أكثر من أي قطاع آخر، ما يتطلب من الصحفيين.ات التدريب المستمر وتطوير المهارات المتعلقة بمعالجة القضايا الصحية، والتركيز على التخصص وجودة التقارير، والاستعانة بالصحافة الاستقصائية كأداة أساسية لتحقيق أثر ملموس، خاصة في المنطقة العربية، حيث نواجه تحديات استثنائية في الوصول إلى المعلومات الصحية الدقيقة.
موارد تساعد في تغطية القضايا الصحية:
منيرة الطيار
صحفية استقصائية يمنية، تخرجت منيرة من كلية الإعلام جامعة صنعاء قسم الصحافة عام 2017م، حاصلة على درجة الماجستير في الصحافة عام 2022م، عملت كمراسلة صحفية، وانجزت العديد من القصص والتحقيقات منذ تخرجها من الجامعة


محمد عمر
صحفي يمني مهتم بالقضايا الصحية والاجتماعية والحقوقية، خريج قسم الصحافة والنشر الإلكتروني كلية الإعلام جامعة صنعاء عام 2022م.